المبدأ القضائي: عدم جواز مخالفة الاختصاص الوالائي للمحاكم التي تخضع لجهة قضائية مستقلة عن القضاء الاتحادي في المواد المدنية التجارية
أصدرت هيئة توحيد المبادئ القضائية الاتحادية والمحلية قرار في الطلب رقم 2 لسنة 2023 المقدم من النائب العام للاتحاد بالجلسة المنعقدة يوم الخميس الموافق 21/12/2023 بمقرها المحكمة الاتحادية العليا بمدينة أبو ظبي
وحيث إن الهيئة تنوه ابتداء إلى أن نص المادة (15) من القانون الاتحادي رقم (10) لسنة 2019 بشأن تنظيم العلاقات القضائية بين السلطات القضائية الاتحادية والمحلية على أن “تختص الهيئة بتوحيد المبادئ القضائية المتعارضة الصادرة عن محكمتين أو أكثر من المحاكم العليا في الدولة.
مما مفاده أن مناط قبول طلب الفصل في التناقض بين مبدأين قضائيين نهائيين في المسألة الواحدة أن يكون أحد المبدأين صادرًا عن المحاكم العليا في الدولة أيًّا كان مسماها سواء محكمة نقض أو تمييز أو عليا والآخر صادرًا من جهة أخرى من ذات المحاكم أو أكثر بحيث يكون المبدأين قد تصادما -وقت تقديم الطلب- بما يتعذر تغليب أحدهما على الآخر واجتماع تنفيذهما معًا مما يستوجب على الهيئة أن تحسم هذا التعارض بالمفاضلة بين المبدأين أو التوفيق بينهما من حيث الأثر القانوني على المنازعات المتعلقة بين المبدأين المتعارضين.
وكان الثابت من الحكم الصادر من محكمة تمييز دبي في الطعن رقم 213 لسنة 2017 تجاري والحكم الصادر من المحكمة الاتحادية العليا في الطعن رقم 670 لسنة 27 ق تجاري والحكم الصادر في الطعن رقم 16 لسنة 2023 تجاري تمييز رأس الخيمة، أن هذه الأحكام تضمنت مبدأين قضائيين متعارضين حول مسألة واحدة على النحو المبين في المساق المتقدم مما ينعقد الاختصاص لهيئة توحيد المبادئ القضائية الاتحادية والمحلية لنظر طلب النائب العام للاتحاد بخصوص هذا التعارض.
والتي قررت بالإجماع:
“وذلك بالاعتداد بالمبدأ القانوني بعدم جواز اتفاق الخصوم – المنصوص عليه بالمادة في المادة 5/33 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 42 لسنة 2022 بشأن إصدار قانون الاجراءات المدنية على مخالفة الاختصاص الولائي للمحاكم التي تخضع لجهة قضائية مستقلة”
وأسست المحكمة قضاءها على ما نصت عليه المادة 104 من الدستور على أن “تتولى الهيئات القضائية المحلية في كل إمارة جميع المسائل القضائية التي لم يعهد بها للقضاء الاتحادي بمقتضى أحكام هذا الدستور”. يدل على أن لكل إمارة قضاءها المستقل عن الإمارة الأخرى فيما عدا المسائل القضائية التي يعهد بها إلى القضاء الاتحادي بمقتضى أحكام الدستور، ومن ثم فإن اختصاص كل هيئة من هذه الهيئات القضائية يكون مقصورًا على نطاق مكاني معين هو حدود الإمارة التي تمارس فيها ولايتها، فلا يتعداه إلى غيرها من الإمارات الأخرى، وبذلك يشكل القضاء في كل إمارة جهة قضائية مستقلة عن جهة القضاء في باقي الإمارات، وإذ كان تحديد الاختصاص على هذا النحو أمرًا مستمدًا من الدستور، فإنه يكون متعلقا بالنظام العام، ولا يجوز الاتفاق على مخالفته، وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها.
وكان المستقر عليه قضاء أن توزيع الاختصاص بنظر الدعاوى القضائية بين المحاكم الاتحادية والمحاكم المحلية والمستقلة بقضائها عن القضاء الاتحادي هو اختصاص ولائي لا يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفة قواعده لتعلقها بالنظام العام. ويكون تطبيق نص المادة 33/ 5 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 42 لسنة 2022 بإصدار قانون الإجراءات المدنية بشأن الاتفاق على الاختصاص المحلي ليس مطلقًا، وإنما مقيدًا بمراعاة الاختصاص الولائي المتعلق بالنظام العام. والقول بغير ذلك يعني جر الخصوم إلى محكمة غير مختصة والإخلال بتوزيع القضاء بين الإمارات المختلفة على غير النحو الذي رسمه الدستور، وإثقال عبء المحاكم بقضايا لا تكون من اختصاصها.
وهو الأمر الذي ترى معه الهيئة العدول عن المبدأ الذي أقرته المحكمة الاتحادية العليا في الطعن رقم 670 لسنة 27 ق تجاري والمبدأ الذي أقرته محكمة تمييز رأس الخيمة في الطعن رقم 16 لسنة 2023 تجاري تمييز رأس الخيمة والمقررين لوجوب إعمال الاتفاق المنصوص عليه بشأن الاختصاص حتى ولو كانت عناصر الاختصاص تتوافر لدى محكمة أخرى تتبع جهة قضائية أخرى خلاف الجهة القضائية التي تتبعها المحكمة المتفق عليها، وإقرار المبدأ القانوني الذي خلص إليه الحكم الصادر من محكمة تمييز دبي في الطعن رقم 213 لسنة 2017 تجاري والذي مؤداه أنه ما دامت المادة موضوع النزاع مادة مدنية أو تجارية فلا يجوز الاتفاق على مخالفة الاختصاص الولائي للمحاكم التي تخضع لجهة قضائية مستقلة عن القضاء الاتحادي لكون الاختصاص هنا متعلق بالنظام العام.
وبذلك نصل إلى نهاية مقالتنا بعنوان “قرار في الطلب رقم 2 لسنة 2023 – هيئة توحيد المبادئ القضائية الاتحادية والمحلية – المحكمة الاتحادية العليا”، مؤكدين بذات الوقت على ضرورة الاستعانة بأفضل المحامين المختصين لدى مكتبنا لتقديم الحلول القانونية السليمة والصحيحة وفقاً لأفضل الممارسات القانونية والقضائية، من خلال زيارتنا في أحد فروعنا في مدينتي العين وأبوظبي أو التواصل معنا.